Saturday, October 19, 2013

الخطة الأمريكية لإسقاط الدولة المصرية



الخطة الأمريكية لإسقاط الدولة المصرية


19 اكتوبر 2013



فى عز انشغال الكونجرس الأمريكى وكذلك الإدارة بأزمة سقف الدين التى أخذت من صناع القرار فى واشنطن ما يزيد على الأسبوعين لحلها مؤقتا مساء الأربعاء، لم تغب مصر أو محاولات التعامل مع القاهرة وفق معادلة المصالح الأمريكية أولا، لذا لم يكن القرار الأمريكى الأخير بخصوص تجميد المساعدات العسكرية المقدمة لمصر وليد الأيام القليلة الماضية كما زعم البعض بل كان أحد خيارات محددة وضعت على مدى الأشهر القليلة الماضية، والبعض فى واشنطن كان متوقعا هذه الخطوة الأمريكية لكن ليس بهذه السرعة حسب قول أحد موظفى الكونجرس لى أمس الأول. قبل أن يمدنى ببعض المعلومات حول ما بين سطور قرار أوباما.
 
وهى المعلومات التى تقودنا إلى خمس نقاط متصلة أولها كانت كلمة الرئيس الأمريكى أمام الأمم المتحدة نهاية الشهر الماضى، والتى اختزل فيها قيمة مصر فى سطرين «الالتزام بمعاهدة كامب دايفيد ومكافحة الإرهاب»، تلاها حصيلة موقف مصر النهائى من مطالبات أوروبية هى فى الأصل أمريكية بخصوص الإفراج عن قيادات إخوانية بعينها وإشراك الإخوان أو الإخوان معدل بعد اشتراط أمريكى - غربى على الإخوان بالقيام بعمل «نيولوك» أو عملية تجميل بقيادة شباب الإخوان - ومعهم السلفيون بشكل «مريح» فى أى عملية سياسية قادمة - أى الانتخابات بشقيها - وذلك عبر المبعوثة الأوروبية آشتون خلال زيارتها الأخيرة بالقاهرة، ثم قيام وفد إخوانى بجولات مكوكية داخل أروقة الكونجرس الأمريكى على مدى الثلاثة أسابيع الماضية برعاية القيادى الإخوانى يوسف ندا، إضافة لتقرير مهم للغاية أصدره معهد أبحاث الكونجرس قبل أيام وهو مركز الأبحاث التابع للسلطة التشريعية، ومن مهامه تقديم رؤية حقيقية ومحايدة لأعضاء الكونجرس قائمة على معلومات ودراسة حالة لمساعدتهم فى اتخاذ قرار متوافق والمصالح الأمريكية.
 
هذا التقرير قدم لأعضاء الكونجرس مباشرة بعد عودة آشتون من القاهرة وفى خضم اشتعال المعركة الأمريكية الأخيرة بين الجمهوريين بالكونجرس وإدارة أوباما حول الميزانية، وأخيرا كان إعلان القاهرة موعد محاكمة محمد مرسى. وأعقب ذلك المحدد الأخير قرار إدارة أوباما تعليق واشنطن لجزء كبير من مساعداتها العسكرية لمصر، مما خلق نوعا من الانقسام داخل الكونجرس الأمريكى إلِى ثلاث جبهات رئيسية حول خطورة وتوقيت قرار كهذا على علاقة الولايات المتحدة بمصر ما بين معارضة ومؤيدة وجبهة رأت التريث للدراسة .
 
وسنتوقف قليلا عند تقرير معهد أبحاث الكونجرس، والذى خص سيناء والعمليات التى يقوم بها الجيش المصرى بها هناك منذ أسابيع لتطهيرها من العناصر الإرهابية والتى قدروا أعدادها ما بين 500 - 5000 بمن فيهم من إرهابيين لهم علاقة بالقاعدة ومقاتلين أجانب وجماعات مسلحة ومهربين، وجاء فى التقرير أن القوات المصرية استخدمت طائرات الأباتشى والدبابات، فى الوقت الذى هدمت فيه الأنفاق وسعت لخلق منطقة عازلة على الحدود مع غزة.
 
ورصد التقرير بالتفصيل خطوات العملية الانتقالية فى مصر، والتى تتم بالتوازى مع عملية تعديل الدستور. كما كان من اللافت ذلك التحذير المبطن فى سطور هذا التقرير لأهمية أن يلتفت صانع القرار الأمريكى إلِى حالة الداخل المصرى المتأجج بالمشاعر الوطنية المتشددة والمعتادة ضد التدخل الخارجى والأمريكى تحديدا. أيضا كان من اللافت هو تذكير التقرير بأن القانون الأمريكى الذى يحظر تقديم مساعدات لدول تم تغيير أنظمة الحكم فيها بانقلاب عسكرى لا يحتوى على تعريف محدد أو واضح لمعنى «الانقلاب» أيضا حملت خلاصة التقرير تحذيرا آخر بأنه لو تم قطع المساعدات العسكرية عن مصر فإن الأمر سيكون له تداعيات عكسية على مصالح البنتاجون وفى أمور محددة وهى عبور القناة والمجال الجوى المصرى والسلام مع إسرائيل، وهنا استعان التقرير بتأكيد على لسان جيمس ماتيس القائد السابق للمنطقة المركزية الأمريكية لخص فيه الاحتياج الأمريكى لمصر فى «قناة السويس واتفاق السلام والمجال الجوى واستمرار الحرب على الإرهاب»، كما جاء بالتقرير أن دول الخليج فى الأغلب ستعوض مصر عن أى خسائر إذا قطعت واشنطن المساعدات، وأن أى شرخ فى العلاقة بين المؤسسة العسكرية المصرية والأمريكية قد يفتح المجال أمام روسيا للعودة إلِى مصر. فى نفس الوقت خلص هذا التقرير المطول والمهم إلِى أن قطع المساعدات العسكرية عن مصر فى الأغلب سيقوم الكونجرس لاحقا بـإعادتها.
 
على أية حال فمن الواضح حتى مع التذبذب الأمريكى اللافت فى التعامل مع مسألة المساعدات العسكرية لمصر فإنه من المفيد هنا مراجعة تاريخ الاستخدام الأمريكى المستمر على جميع المستويات التنفيذية والتشريعية لجزرة المساعدات العسكرية لمصر وعلى مدى إدارات متعاقبة كورقة ضغط، لنخلص إلِى أهمية أن يستعد المصريون حال انتخاب برلمانهم الجديد بمناقشة اتخاذ قرار رشيد أحسب أنه سيلاقى شعبية للاعتذار عن قبول هذه المساعدات وبمنتهى اللياقة! - وللعلم هذا أكثر ما تخشاه واشنطن - فحاجة واشنطن لمصر أعظم من حاجتنا لهم وتكفى معادلة مرورهم وسفنهم النووية والتى تمنحنا القوانين الدولية الخاصة بالصحة والأمان حق منع مرورها، لدينا سيادة على أجوائنا وهم فى حاجة إليها، هم يستمرئون الحصول على خدمات بـاهظة التكلفة مقابل فكة مساعدات، ولتكن المحاسبة من الآن وصاعدا بالأسعار الفعلية، وهنا أتوقع فاتورة حساب قيمتها الحقيقية أضعاف أضعاف قيمة ما يسمى بالمساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لمصر.
 
فلا بأس إذن من بدء علاقة تعاون عسكرى صحية هذه المرة مع واشنطن نحاسبهم فيها بالورقة والقلم على كل الخدمات التى تتوفر لهم بملاليم - قياسا وساعتها فإن قائمة المديونية الأمريكية لمصر ستكون أضعاف مساعداتهم السنوية وساعتها تكون مصر قادرة، نشترى منهم وبشروطنا أفضل ما لديهم أو نذهب لأسواق أخرى، وفى كل الأحوال فالجائزة هنا اسمها «السيادة» لو كنت صانع سياسة. ولكى ندرك أهمية خطوة كهذه وكيف أن الموقف الأمريكى الأخير يمكن أن يقدم لمصر وعلى طبق من ذهب الفرصة لاستعدال الميزان فى العلاقة مع واشنطن، فعلينا كما أسلفنا مراجعة التحركات التى قام بها مؤخرا مجلس الشيوخ الأمريكى - وعلى مدى العام الماضى - بقيادة أعضاء جمهوريين وبمشاركة عضو ديمقراطى لإعادة النقاش حول المساعدات الأمريكية العسكرية المقدمة لمصر، وحيث كان الإصرار على محاولة تغيير شروط تقديم المساعدات العسكرية عبر خمس تعديلات قدمها شيوخ من الحزبين الديمقراطى والجمهورى، وبالطبع فإن هؤلاء أدخلوا التعديلات ضمن محاولات الكونجرس لمعالجة أزمة الميزانية باقتطاع فى الإنفاق الحكومى، وهو ما قد يبدو بالنسبة لكثيرين ممن قرأوا عناوين هذه التعديلات أنه مجرد تحرك من قبل المشرعين الأمريكيين فى إطار معالجة أزمة مالية وبالمرة التأكيد على رغبتهم فى تعضيد الديمقراطية فى مصر، ولكن ما بين سطور التعديلات المقترحة أولا - وقبل تحرك إدارة أوباما مؤخرا - وفى مناقشات الغرف المغلقة ومفاوضات التوصل لصيغة توافق بين تعديل مقدما الديموقراطيين والتعديلات المقدمة من الجمهوريين كانت تقف حقيقة أخرى، وقبل أن نعرضها دعونا أولا نتوقف عند التفاصيل الأهم فى تلك التعديلات وسنجد الآتى:
 
المطالبة بـإعادة توجيه المساعدات العسكرية لمصر وقصرها على الإنفاق على ما وصفوه بحاجات مصر الحقيقية وعلى أساس أن مصر لا تحتاج طائرات مقاتلة إف 16 ولا دبابات لأن لا أحد من جيرانها سيغزوها فى أى وقت قريب!! - لاحظوا كان هذا قبل مباركتهم مؤخرا حرب المصريين على الإرهاب فى سيناء وبعد أن تأكد لهم أن رأس الحربة فى إرهاب ليبيا وغيرها أحد من أفرج عنهم مرسى، أن المساعدات العسكرية لمصر ينبغى أن توجه لحفظ الأمن فى سيناء ومحاربة التهريب على الحدود ومكافحة الإرهاب.
 
هناك قلق من مدى التزام حكومة مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل وكانت أهم نقاط التعديلات، والتى اجتمع الطرفان الجمهورى والديمقراطى بمجلس الشيوخ الأمريكى عليها للوصول إلى توافق حولها باحتواء تعديل ليفى وماكين، بحيث لا يتم تفعيل هذه التعديلات الجديدة إلا مستقبلا أى أنها تسرى على طلبات وعقود مصر التسليحية القادمة وليس على عقود التسليح القائمة بالفعل بما فيها بقية صفقة طائرات الـ إف 16 التى تسلمت القاهرة مؤخرا بعضها بالفعل، أما بخصوص تحويل المساعدات لصالح حرب الإرهاب فى سيناء - حسب الوصف الأمريكى ومع ملاحظة أن النقاش حول الميزانية الجديدة للـ 6 أشهر القادمة فقط - فكله متفق عليه من القطبين الجمهورى والديمقراطى بمجلس الشيوخ.
 
حقائق وأهداف
 
لماذا الآن؟ هذا أبسط سؤال يتبادر للذهن حول هذا التحرك فى الكونجرس تجاه مصر وتحديدا تجاه جيش مصر، ويحضرنى هنا ما كشفه لى من سنوات بعيدة سياسى أمريكى مخضرم وهو جوزيف سيسكو ذراع كيسنجر اليمنى لسنوات طويلة وكنت كثيرا ما أستعين بذاكرته الحاضرة فى كل ما يتعلق بعلاقات أمريكا مع العرب خلال زمن الحرب الباردة حين ذهبت لأجرى معه حوارا بمناسبة ذكرى مرور ربع قرن على حرب أكتوبر، ففاجأنى باعتراف مذهل وهو أن حالة مصر الداخلية فيما بعد نكسة 67 وتمكن المصريين - رغم الهزيمة والحصار والجوع - من إعادة بناء قواتهم وللدخول فى حرب استنزاف سبب للأمريكان أرقا وتعبا شديدا فى محاولتهم تفسير أسباب عدم انهيار الدولة المصرية رغم كل هذه المحن، قال سيسكو «لقد أخذ الأمر منا طويلا حتى توصلنا لسر قوة وعدم انهيار الدولة فى مصر كانت ثلاثة عوامل وهى قطاع عام يمثل بنية تحتية قوية وفرت للمواطن احتياجاته، وروح معنوية متوحدة فى الشارع المصرى ويصعب اختراقها، وجيش قادر على الاعتماد والاكتفاء الذاتى، وكانت هذه العوامل على طاولة صانع القرار الأمريكى وهو يدير علاقاته مع مصر لزمن طويل - انتهى كلام سيسكو الذى يكشف فى طياته طرق ضرب أسباب قوة مصر وأهمها التخلص من القطاع العام بـالخصخصة وضرب موارد الدولة المصرية الأساسية والتى يمثل دخل قناة السويس إضافة للضرائب أهم أعمدتها لذا رأينا كيف كان على سبيل المثال لا الحصر إصرار البنك وصندوق النقد الدولى على تخفيض غير مسبوق لضرائب دخل الأغنياء والقطاع الخاص لتبلغ نسبتها أقل مما يفرض على دافعى الضرائب فى أمريكا وأوروبا وكثير من دول العالم. كان من المهم أن أسرد ما قاله لى هذا الرجل لنتعرف على هذه العوامل والتى أحسب أن واشنطن عملت طويلا على تحييدها وبالتالى لنحاول معا فهم أسباب تحرك الكونجرس هذه الأيام باتجاه تشديد الرقابة على أوجه صرف المساعدات العسكرية المقدمة لمصر وهو ما رآه البعض فرصة لتضييق الخناق على القاهرة، بدعوى ضمان استخدام 3,1 مليار دولار سنويا من المساعدات العسكرية لمصر لمحاربة الإرهاب على الحدود، أو العمليات الخاصة، وتلبية احتياجات مصر الأمنية الأكثر إلحاحا، وليس المعدات الرئيسية مثل الدفاع طائرات F-16المقاتلة أو الدبابات M1 فبدا الأمر وكأنه استدعاء لمطلب طالما نادى به اللوبى الإسرائيلى ولسنوات طويلة وهو المطالبة بتحويل المساعدات الأمريكية العسكرية لمصر إلِى مساعدات اقتصادية بزعم أن مصر ليست عرضة لمواجهات عسكرية خارجية وأنها فى حالة سلام مستتب مع إسرائيل بينما تعانى مشاكل اقتصادية مزمنة.
 
الأمر واضح إذن وحسب ما يمكن فهمه مما يتردد فى أروقة واشنطن السياسية فإنه وبعد شهور على تولى حكم مدنى فى مصر فإن كثيرين فى واشنطن كانوا يتوقون مع وصول إدارة مدنية منتخبة فى مصر أن يتم تهيئة القوات المسلحة المصرية وربما إجبارها على إدماج ميزانيتها ضمن ميزانية الدولة ومن ثم ضرب قدرتها على الاكتفاء الذاتى بعيدا عن مشاكل البلد الاقتصادية وبالتالى تحديد طموحاتها فى النظر بعيدا عن المنتج التسليحى الأمريكى لتحديث إمكانياتها التسليحية أو حتى إنتاجها العسكرى، ولكن هذا لم يحدث.. وأورد هنا ما ذكر فى تحليل أمريكى للموقف فى مصر وتغاضت عنه واشنطن حتى بعد سقوط الإخوان المدوى بأن نظام حكم الإخوان لا يمكنه السيطرة أو التحكم فى القوات المسلحة المصرية حتى مع وجود رئيس منهم هو شكلا القائد الأعلى لقوات مسلحة كانت ومازالت الأكبر والأقوى عربيا والمنفردة على الساحة العربية بعد غياب ما كان يليها من جيوش رئيسية وهى العراقية ولاحقا السورية.
 
فهل كان مع هذا السياق يكون إشغال الجيش المصرى بمشاكل حدودية واختلاق حرب إرهاب فى شبه جزيرة سيناء بأحدات غريبة مجرد صدفة؟ وهل المطالبة بمنع تقديم مقاتلات الـ إف 16 أو منح مصر دبابات إم 1 التى اشتهرت بتصنيعها الحربى أيضا صدفة؟ وهل سقوط الإخوان ومن ثم حلم كسر الاكتفاء الذاتى للقوات المسلحة المصرية كان سببا فى أن تستعيد واشنطن الكرة إلِى ملعبها لتقوم بنفسها بالضغط لتحقيق هدف غال لمن يترصدون لمصر أو على الأقل لمن يرغبون فى استمرار قلب العالم العربى فى طاحونة الإنهاك والفقر والترنح والأهم فى القيام بدور الحليف المنصاع المنفذ لكل ما يطلب منه والذى ينبغى أن يرضى بفتات يرمى إليه بين حين وآخر!! وأخيرا فإن الحقيقة المؤكدة وربما المفاجأة بعد كل هذا هى أنه لا واشنطن ولا الكونجرس يرغب أو يريد حقيقة قطع المساعدات العسكرية عن مصر فهى بمثابة الطوق الذى يضمن لهم التأثير على هذه الدولة الكبيرة والمحك لاسيما وأن تقريبا كامل المساعدات العسكرية لمصر لا تمنح مباشرة لمصر وإنما تقدم كل عام قائمة بطلباتها سواء معدات أو قطع غيار أو منح تدريب، وهى القائمة التى يفحصها البنتاجون قبل إحالتها للكونجرس الذى بدوره يجيز ما يراه منها ثم يعتمدها لتسلم للشركات والجهات الأمريكية التى تتولى توفير المطلوب وتتقاضى ثمنه مباشرة من الجانب الأمريكى يعنى أنه لا دولار أمريكيا يسلم نقدا للقوات المسلحة المصرية ولذا فإن ما يجرى حقيقة هو محاولة إحكام السيطرة على هذا الطوق من منطلق الحفاظ على استمرار مصالح أمريكا، ولذا فعلى مصر أن تتوقع أن يستمر الشأن المصرى والضغط على مصر فى صدارة المشهد الأمريكى على مدى المستقبل القريب، وهو الأمر الذى يجعلنا نتساءل بدورنا: أين هى المصلحة المصرية من كل هذا؟ ألم يحن الوقت بعد للمصريين أن يفرضوا أچندة مصالحهم عبر ساسة محترفين وليس ساسة هواة لا يتبعون سوى مصالح استحواذ تهدد كيان مصر.

ملتزمون باتفاقاتنا مع حكومة الببلاوى والاقتصاد المصرى سينهض من كبوته


ملتزمون باتفاقاتنا مع حكومة الببلاوى والاقتصاد المصرى سينهض من كبوته


19 اكتوبر 2013
حوار أجرته في وشنطن: حنان البدرى



 
فى حوار مهم ملىء بالأخبار السارة رغم أنه على هامش اجتماعات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، أكد د. أحمد محمد على رئيس مجموعة البنك الإسلامى للتنمية لـ«روزاليوسف»: إن البنك على أتم الاستعداد للتعاون مع الحكومة المصرية فى تعزيز علاقتها وتعاونها مع دول حوض النيل وعلى رأسها إثيوبيا، والبنك بدأ بالفعل فى تمويل استثمارات لتنفيذ برامج نوعية هناك بالتعاون مع وزارتى الخارجية والتعليم العالى فى مصر، مشيرا إلى أن كل المعطيات تدل على أن الاقتصاد المصرى قادر على تجاوز تداعيات الأزمة الحالية بمجرد استقرار الأحوال، وأن المؤسسة الإسلامية للتمويل اعتمدت ميزانيات لتمويل مشاريع عدة فى مصر لدعم الاقتصاد المصرى وشدد على التزام مجموعة بنك التنمية الإسلامى بالتعاون فى تمويل برامج الاستثمار فى مصر، إضافة لتشجيع واستقطاب الآخرين لتقديم كل ما بوسعهم لدعم الاقتصاد المصرى.
 
رئيس «التنمية الإسلامى» يعتزم فى القريب العاجل- خلال الشهر المقبل - إطلاق برنامج جديد لدعم الاقتصاد المصرى وافتتاح مكتب تمثيل له بالقاهرة فى القريب العاجل وقال ردا على سؤالنا له حول خطط البنك فى دول حوض النيل وبالأخص فى إثيوبيا كدعم غير مباشر للموقف المصرى فى قضية المياه:
 
«بنك التنمية الإسلامى يهتم منذ إنشائه بالاستثمار فى القارة الأفريقية فنصف أعضاء البنك فى أفريقيا كما يولى اهتمامه أيضا بالمجتمعات المسلمة فى الدول غير الأعضاء بالبنك وأنت ذكرت إثيوبيا بالذات وكما تعلمين فالمسلمون أغلبية فى إثيوبيا وبعض الإحصاءات توضح أنهم يمثلون 60٪ من سكان إثيوبيا، ولدينا مشروعات نوعية فى أفريقيا لاسيما تلك التى تدعم التعليم، ووقعنا اتفاقية مع كل من وزارتى التعليم العالى والخارجية فى مصر والأكاديمية العربية والأخيرة لديها نظام متطور لتعليم اللغة العربية، وذلك من أجل نشر اللغة العربية فى دول حوض النيل، وتستفيد منها بالمقام الأول إثيوبيا، وهذا يدل على اهتمام البنك ليس فقط بإثيوبيا، بل بجميع دول حوض النيل، ونحن على أتم الاستعداد للتعاون مع الحكومة المصرية لتعزيز علاقتها وتعاونها مع جميع دول حوض النيل بما فيها الدول غير الأعضاء بالبنك.
 
∎ أعلم أنكم كبنك لا تتعاطون بالسياسة بشكل مباشر، لكن فى رأيك هل مثل هذه الاستثمارات وبالتوازى مع المتغيرات الحادثة فى مصر الآن، يمكن أن تساهم فى تسوية مشكلة سد إثيوبيا؟
 
- البنك ليس له علاقة بالسياسة، لكن البنك قائم على أساس تعزيز التعاون ليس فقط بين الدول الأعضاء، وإذا كنا نتحدث عن دول حوض النيل فيهمنا جدا القيام بكل ما من شأنه تعزيز التعاون بدول حوض النيل، ونحن فى هذا الإطار لدينا تعاون مع صندوق معنى بوزارة الخارجية المصرية من أجل تقديم الدعم والعون الفنى للدول الأفريقية وذلك بعدة برامج، مثلا لدينا برنامج صحى يعنى بمكافحة العمى الذى يمكن تجنبه والصندوق المصرى ساهم ماليا فيه ووفر أطباء وأدوية ولوازم طبية .
 
∎ عقدتم فى لندن مؤخرا مؤتمرا لكبار رجال الأعمال من مجموعة الثمانية ومن الدول الإسلامية ومن خارجها لحثهم على ضخ استثمارات جديدة بدول الربيع العربى والاستفادة من الفرص الاستثمارية العديدة التى تتوافر فيه لتقديم الدعم لمساعدة الدول العربية التى تمر بمرحلة انتقالية ومنها مصر وتونس، هل من تطورات بهذا الشأن؟
 
- مؤتمر لندن الشهر الماضى كان هدفه الأساسى تشجيع رجال الأعمال والاستثمارات الخارجية فى هذه الدول العربية وذلك فى إطار اتفاق دوفيل المنبثق عن مجموعة الثمانية، والبنك الإسلامى يتولى حاليا أمانة التنفيذ لمؤسسات التنمية الدولية لهذا نظمنا فى إطار التحضير لمؤتمر لندن مؤتمرات فى مصر وتونس لتعريف رجال الأعمال بالفرص الاستثمارية هناك، كما أننا فى نفس الإطار بصدد إقامة مؤتمرات ممثلة فى كل من المغرب والأردن واليمن ولاحقا ليبيا.
 
∎ هناك مشروعات لديكم فى مصر لتمويل صناعات الطاقة وإنتاج السكر والطيران المدنى وغيرها كانت بالأساس تعنى بخلق الوظائف، ما الموقف منها الآن وهل ثمة تأثير للتطورات الحادثة فى مصر على سير هذه المشروعات؟
 
- نحن ملتزمون بكل الاتفاقات التى تمت مع الحكومة المصرية، لا تدخل فى الظروف السياسية فى الأمر، يهمنا الشعب المصرى، ونحن نلتزم بتنفيذ اتفاقاتنا.
 
∎ سؤالى هذا لك كخبير مصرفى عالمى وليس كرئيس أكبر جهة إسلامية مصرفية فى العالم حول جدوى اقتراض مصر من صندوق النقد الدولى أم أن هناك فرصا أمام القاهرة للنظر فى تجارب ناجحة لدول استغنت عن القروض دول كالبرازيل ودول بالشرق الأوسط!
 
- طبعا لا يمكننى التحدث بلسان الحكومة المصرية، وكبنك إسلامى يهمنى جدا أن تكون العلاقات بين البنك الدولى ومصر قائمة وأن يكون هناك تعاون وفتح مجالات وتشجيع للاستثمار بالداخل والخارج، ولا يمكن أن نكون بديلا لكن كبنك إسلامى للتنمية فنحن نتعاون ونشجع ونستقطب الآخرين لتقديم وفعل ما بوسعهم لدعم الاقتصاد المصرى.
 
 
 انتهى كلام المصرفى الإسلامى الأول فى العالم، والذى يترأس مجموعة بنك التنمية الإسلامى والتى كانت قد أقرت هذا العام زيادة رأس مال البنك من 45 مليار دولار، إلى 150 مليار دولار، وذلك لتلبية متطلبات التنمية المتزايدة فى الدول الأعضاء.
 
جدير بالذكر أن مصر عضو مؤسس بالبنك بنسبة 22,9 ٪.. ويعكف حاليا المعنيون فى مجموعة البنك بوضع برنامج خاص لدعم مشروعات التنمية فى مصر، كانت مصر قد اقترحت أن يتيح تمويلا متوسط وطويل الأجل بقيمة 10 مليارات دولار، تضخ على مدى 5 سنوات أى مليارى دولار سنويا لتمويل عدد من المشروعات العامة فى مجالات البنية الأساسية والتى تحتاجها مصر فى جميع القطاعات.

Saturday, August 17, 2013

الخطوات المطلوبة بسرعة لإنقاذ مصر


الخطوات المطلوبة بسرعة لإنقاذ مصر


17 اغسطس 2013
كتبت: حنان البدرى



يخطئ من يعتبر إعلان الرئيس باراك أوباما إلغاء مناورات النجم الساطع - والمؤجلة أصلا لمرات- بمثابة بيان احتجاج ضد تنفيذ السلطات فى مصر عملية فض اعتصامى رابعة و النهضة، فقبل خروجه الخميس للإدلاء بهذا الإعلان أثناء قضائه عطلته الصيفية كان قد تم إبلاغ الجانب المصرى بالإلغاء الليلة التى سبقتها بالتزامن مع خروج تصريح تمهيدى على لسان مسئول أمريكى لم يذكر اسمه بأن إدارة أوباما تفكر فى هذه الخطوة. التى جاءت بغرض الحفاظ على أمن القوات الأمريكية المشاركة فى تلك المناورات والتى كان من المقرر إجراؤها فى سبتمبر المقبل التى تستفيد منها الولايات المتحدة ويثمنها قادة البنتاجون، إذ تعتبر بالنسبة لهم فرصة لتزويد قواتهم بخبرة ميدانية مع أقوى الجيوش العربية. القرار جاء بعد أقل من عشرة أيام على وصول وفد أمريكى تفقد اللمسات النهائية لمناوراتالنجم الساطع بما فى ذلك تفقد لوجيستيات الإقامة للقوات الأمريكية التى كان من المقرر لها منطقة الحمام بمرسى مطروح.
 
خروج أوباما العلنى وكلمته حول الأوضاع فى مصر والتى حملت فى مضمونها العام ما يفيد تمسكه بالعصا من المنتصف حملت أيضا ما بين سطورها ما يمكن وصفه بتوجهه إدارته نحو الحكم الحالى فى مصر فى الفترة المقبلة وقوله: إن الولايات المتحدة «تستنكر» أعمال العنف ضد المدنيين، خلال الإجراءات الاستثنائية التى قام بها الجيش المصرى ضد المحتجين فى القاهرة، كما طالب علنا بمطالب محددة كانت إدارته قد أبلغتها للقاهرة فى الغرف المغلقة ومنها ضرورة الإلغاء الفورى لحالة الطوارئ التى لجأت الحكومة الانتقالية فى مصر إلى فرضها، بالتزامن مع بدء ما وصفه بـخطوات نحو تحقيق المصالحة، أى أعاد تكرار رسالة جون ماكين وزميله قبل أسبوع بضرورة الحوار مع الإخوان وإدماجهم فى أى عمليةسياسية مقبلة - يعنى جميع الانتخابات المقبلة وتلك التى أشار لها أوباما ضمنا بدعوته لتسريع «تسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة»، والعودة إلى طريق الديمقراطية.
 
ثم وجدنا الرئيس الأمريكى مستمرا فى مساواة الإخوان مع شعب مصر وحكومته المؤقتة حتى فى تلقى إدارته اللوم من الطرفين، قبل أن يؤكد أنهم فى واشنطن يدركون أن التغيير يحتاج لوقت مناسب وأن الولايات المتحدة تعمل مع الجميع، ومع كل ما يدعم الاستقرار والسلام والعدالة والكرامة وبعيدا عن ديباجة بيان أوباما - الذى صاغه مساعدوه بعناية شديدة بعد ورود تقارير الرأى العام فى مصر تجاه واشنطن راصدة ارتفاعا غير مسبوق فى مشاعر الغضب لدى المصريين تجاه سياسات واشنطن- بعيدا عن تلك الصياغة التى نجد فيها محاولات استمالة للشارع المصرى مثل قوله «الشعب المصرى يستحق الأفضل، وإلى الشعب المصرى أقول ندعو السلطات المصرية إلى احترام المعايير العالمية لحقوق الإنسان..» بعيدا عن كل ذلك نجد لزاما علينا التوقف عند جمل بعينها، ومنها قول أوباما بـ «إن الإدارة الأمريكية ترفض تطبيق القانون العسكرى الذى يحرم المدنيين من حقوقهم»، فى إشارة لفرض حالة الطوارئ وحظر التجول وبعد حرصه التقدم بأحر التعازى لأسر الضحايا الذين قتلوا فى مصر فإنه أكد فى الوقت نفسه دعم العملية الانتقالية فى مصر ((نظرا لعمق علاقتنا مع القاهرة ومصالح أمننا القومى)) حسب وصفه، أى أنه هنا يؤكد مجددا ومرة أخرى ما ذكره جون ماكين للمصريين خلال زيارته الأسبوع الماضى ضمنا بأن مصر فى عمق المصالح الأمنية القومية الأمريكية، بل ذهب الرئيس الأمريكى ليعلن صراحة بأنه طلب من فريق الأمن القومى إعادة النظر فيما يحصل فى مصر، والنظر فيما يتعلق بالعلاقات (المصرية - الأمريكية)، وهو الأمر الذى يستطيع المرء ترجمته بواقع المعايشة الطويلة مع القوم فى واشنطن، بأن واشنطن تستعد لإخراج مشهد تعاطى جديد مع الحال فى مصر من الدرج، فكان أول مشاهده ما حدث بمجلس الأمن الدولى بعد كلمة أوباما مباشرة، فوجدنا حلفاء واشنطن المعتادين مستعدين بطلب عقد جلسة أسفرت كما هو متوقع عن بيان تخويف حث فيه مجلس الأمن الدولى، فى الساعات الأولى من صباح الجمعة، جميع الأطراف فى مصر على إنهاء العنف والتحلى بأقصى درجات ضبط النفس- لاحظوا هنا المساواة مرة أخرى بين الطرفين - وأعرب أعضاء المجلس عن قلقهم، معتبرين أنه «من الضرورى إنهاء العنف، وأن الشعب المصرى بدون عنف يمكن أن يمضى قدما نحو المصالحة الوطنية- مرة أخرى المصالحة الوطنية -وطالبت الدول الـ51 الأعضاء فى المجلس جميع الأطراف بضبط النفس لتفادى تكرار أحداث عنيفة».
 
فهل انتهى الأمر بهذا البيان؟ لا يبدو ذلك صحيحا، بل المتوقع حسب المشهد فى نيويورك وواشنطن أن تستمر الضغوط ومحاولات التخويف والتدخل لفرض ذات المطالب تارة بتهديد استخدام الإرادة الأممية وتارة أخرى التلويح بورقة المساعدات العسكرية التى لا ترغب واشنطن أبدا - حكومة وكونجرس - فى إلغائها أصلا وتخشى استغناء المصريين عنها من أجل أن تذعن القاهرة لنفس المطالب التى أفردنا لها العدد الماضى لفرض الإخوان وضمان استمرارهم على الساحة السياسية المصرية بأى ثمن.
 
الملاحظة الأخرى نقرأها فى سطور مقال مجلس تحرير الواشنطن بوست الخميس ظاهره انتقاد ما وصفوه بأداء أوباما تجاه «الانقلاب» الذى حدث فى مصر، وشبهوا ضمنا الفريق عبد الفتاح السيسى وهذا «الانقلاب» بالديكتاتور الراحل جمال عبدالناصر، أيضا حسب وصف البوست التى طالبت أوباما بقطع المساعدات العسكرية، وهو الأمر الذى يؤكد ما ذكرناه هنا الشهر الماضى على لسان مسئول أمريكى سابق حكى لى كيف أنهم فى واشنطن لن يسمحوا بظهور ناصر آخر.
 
أيضا وبالتوازى ظهر مجددا السيناتور ماكين منتقدا موقف البيت الأبيض تجاه الأوضاع بمصر متهما الحكومة المصرية وقيادات القوات المسلحة بشن حملة كراهية ضد أمريكا، وذهب إلى توقع حدوث «السيناريو الجزائرى» - الذى أدى إلى مقتل أكثر من 200 ألف شخص - فى مصر كما توقع فشل أى محاولة لتدمير جماعة الإخوان المسلمين»! بأن السلطات المصرية قادرة على قتل بعض الأشخاص، لكنها لن تتمكن من إنهاء جماعة الإخوان المسلمين، فالتاريخ يؤكد أن الجماعة نجحت فى البقاء فى ظل حكم مبارك، كما قد تنجح فى البقاء والتحرك بشكل سرى حتى فى ظل سعى الجنرالات لإبادتها»، ولم ينس ماكين هنا الدفاع عن السفيرة فى مصر آن باترسون وأن ينتقد ما وصفه بـارتفاع مستوى العداء الحالى لأمريكا فى مصر، مما يشكل خطرا على الأمريكيين ويعزز الإرهاب ويهدد المصالح الاقتصادية ويضر بصورة مصر فى العالم»، كما انتقد ماكين تصريحات وزير الخارجية جون كيرى التى اعتبر فيها أن الجيشفى مصر أعاد الديمقراطية إلى مسارها بينما كان هو - أى ماكين- فى القاهرة برفقة النائب ليندسى غراهام، يطالبون بالإفراج عن السجناء وإجراء تعديل للدستور والسير قدما بالانتخابات، وأن زيارتهم لم تأت بالمطلوب بسبب مواقف وزارة الخارجية والبيت الأبيض لذلك توقع أن تسفك الدماء فى مصر».
 
المطلوب يا مصر
 
هذا كان باختصار شديد تلخيصا لما يحدث فى واشنطن حاليا، حيث كل أسلحة الضغوط مشهرة وحيث يشكل الاستخدام العلمى رأس الحربة فى معركة فرض مطالب تخدم مصالحهم، وهو أمر ليس بغائب عن القاهرة، لكن للأسف الغائب هنا هو بعض القصور البادى فى معالجة الأمر، وأستشهد هنا برأى الخبيرالمخضرم دكتور يحيى عبد القادر- ذى الخلفية العسكرية - وهو المراقب الثاقب لما يحدث حين أخبرنى منذ فترة أن أداء القوات المسلحة متميز جدا إلا أنه يخشى أداء باقى مؤسسات الدولة المحسوب على مصر كلها، وقد تحققت مخاوفه بخطاب أوباما الذى نقل الضغوط الأمريكية إلى العلن، لتصبح مصر فى مواجهة خطر عظيم محدق بها لم تواجهه مثله منذ أزمة قناة السويس.
 
أتحدث هنا عن ضرورة تحرك مؤسسات بعينها فى الدولة المصرية وبسرعة وعلى رأسها وزارة الخارجية المصرية والتى تتميز بوجود خبرات مميزة للانتشار وفق خطة تحرك دبلوماسى محددة كثيرة وطويلة الأمد تتواصل مع عواصم العالم لاسيما الدول الكبرى والصاعدة بشكل محترف لا يستثنى حتى استدعاء المخضرمين ممن تقاعدوا مؤخرا، وألا يكتفوا بـدبلوماسية ذكية اتبعتها بعد سفاراتنا طوعا قبل أيام بما فى ذلك بعثتنا فى جنيف التى بادرت وسلمت المفوضية الدولية لحقوق الإنسان ملفا فيه حصر بالاعتداءات التى حدثت أمس الاول فى أنحاء مصر ضد المنشآت العامة والخاصة وكذلك صور قتلى قسم كرداسة وخريطة مصر موضحا عليها الاعتداءات وفقا للمحافظة.. ولينكات للفيديوهات دليل عنف ودموية الاعتداءات .
 
أتحدث أيضا عن دور فاعل لما يسمى بهيئة الاستعلامات وهى المترهلة منذ زمن مبارك ومرورا بزمن الإخوان والتى يعتقد كثيرون أن قيادتها تقاعست ربما عن عمد أو بسبب ولاءات بعينها عن أداء دورها فى كشف حقيقة ما يحدث من عنف ودمار وحرق متعمد لمصر من قبل فصيل واحد للخارج .
 
أتحدث عن ضرورة خلق آلية تعطى إعلاميا محترما بعيدا عن هذه الهيئة، فمن كثير النظر أن يصدر قرار بمنع ممثلى الإعلام الدولى من إدخال كاميراتهم وأجهزتهم معهم بالمطار -كما حدث على مدى الأيام الماضية - وكذلك ترك عربات البث التى كان متحفظا عليها فى رابعة.
 
مع أنه كان من الممكن وقف بثها عبر تغيير كود البث فى عملية تتم من داخل التليفزيون المالك لها فى عملية لا تستغرق سوى دقائق، أو أن يتم استخدام شفرة البث بواسطة محطتين فى نفس الوقت فيتحول بثهما إلى مجرد بث أعمى «أسود» دون صوت، ولم يحدث هذا وتركت العربتان المملوكتان بأصل المال العام، مثال آخر على القصور الإعلامى حين نكتشف أنه لم يسمح لوسائل الإعلام المستقلة بالتواجد الأربعاء صباحا فى رابعة وغيرها لتنقل ما اكتشف من بلاوى الإخوان فى حين ترك الإعلام المناوئ يبث أكاذيبه. نريد متحدثين رسميين قادرين وأصحاب رؤية لمخاطبة الرأى العام العالمى.
 
باختصار يا سادة.. مصر كلها تحت الاختبار والضغط، وهناك حرب ضروس ندفع اليها دفعا عمادها الإعلام، وأذكركم هنا بخطة «مصر هى الجائزة» وتحديدا جيشها مستهدف فى هذه الخطة التى ابتدعت فى إدارة بوش وكشفنا عنها أيضا على هذه الصفحات، واقترب وقت تفعيلها ففى أمريكا يتغير الرؤساء ولا تتغير السياسات.
 
ما اكتشف من بلاوى الإخوان فى حين ترك الإعلام المناوئ يبث أكاذيبه. نريد متحدثين رسميين قادرين وأصحاب رؤية لمخاطبة الرأى العام العالمى. وتفوق إعلام الإخوان الذى يستدعى الخارج بتحرك دولى بأشخاص معدودين على رأسهمالأخ جهاد حداد والأخ عبد الموجود الدرديرى الذى انطلق عبر الفضائيات الأمريكية والغربية ناهيك عن قيادة تظاهرة أمام البيت الأبيض مطلع الأسبوع متحدثا عن سلمية الإخوان ونبذهم للعنف! المفارقة أنه نفسه ذلك مطلوب للعدالة الأمريكية وتم توجيه اتهام رسمى له قبل عدة سنوات بتهمة التحرش بقاصر ومواعدتها عبر الإنترنت وهرب أثناء وجوده بجامعة بنسلفانيا والعام الماضى تسبب فى خلاف شديد بين السلطات الأمنية والخارجية الأمريكية لدى وصوله قادما من مصر وتدخلت الخارجية رغم اعتراض كثيرين وأدخلته ليصول ويجول فى الولايات المتحدة رغم أنه هارب من العدالة وعلى قوائم ترقب الوصول ومازال يسمح له بالدخول حتى الآن!

Friday, August 16, 2013

حنان البدري تحلل مشهد العلاقات مع أمريكا: ما بعد زيارة ماكين وجراهام.. سفير جديد ودور آخر لباترسون

حنان البدري تحلل مشهد العلاقات مع أمريكا: ما بعد زيارة ماكين وجراهام.. سفير جديد ودور آخر لباترسون
التاريخ : الجمعة 16 أغسطس 2013 12:45:00 صباحاً







حنان البدري - مدير مكتب روز اليوسف بواشنطن
 
اكتظ المشهد السياسي المصري علي مدي الايام الماضية بأراء تحلل وتنتقد تصريحات السيناتور الأمريكي جون ماكين وزميله السيناتور الجمهوري أيضا ليندسي جراهام خلال زيارتهما لمصر.
وانهال أصحاب هذه الاراء بما فيهم المتحدث بإسم الرئاسة المصرية بالهجوم المباشر رفضا للتدخل الأمريكي في الشأن الداخلي المصري ناهيك عن خلطا يفصل ما بين أراء الادارة الأمريكية وعضوي "الكونجرس بتصور ربما يكون ساذجا -سياسيا- يرجع ذلك لاختلاف هوية ماكين وجراهام الحزبية - جمهوريا -عن ادارة اوباما الديموقراطيه، وذلك دون ان يتوقف هؤلاء برهه امام حقيقة يدركها المخضرمون بـالسياسة والعلاقات الدولية، وهي أنه علي قدر قوة واستقلالية الدول تصاغ العلاقات. وكذا لم يتوقف كثيرون لمراجعة قاعدة سياسية امريكية تقدس مصلحة الأمن القومي الأمريكي التي تتوحد تحتها كافة القوي السياسية.
وان ما يشاع حول اختلاف رأي ودور السلطة التشريعية والتنفيذيه الأمريكية حتي مع اعلان "الخارجية الأمريكية" بأن تصريحات ماكين وجرهام جاءت في اطار التعبير عن رايهم الخاص، مثلهم مثل اي أعضاء آخرين بمجلس الشيوخ، وأن الإداره الأمريكيه لا تقف مع طرف واحد علي حساب الاخر" هو مجرد سذاجة، وان مايجري وما يقال جاء بتنسيق بين كافة الاطراف الأمريكية وفي اطار لعبة توزيع الادوار المعروفة بـاسم "الطيب والشرير".
فالخارجية الأمريكية نفسها اعلنت بأن وانا شخصيا لاحظت اللعبة ذاتها تمارس خلال حضوري لمؤتمريهما الصحفي حتي بين الرجلين حين لوح ليندسي جرهام صراحة بعقوبة قطع المساعدات قائلا " لا يمكن ان نؤيد مصر التي لا تتحرك نحو الديموقراطيه ومساعداتنا ستكون مربوطة بالأفضل من وجهة نظرنا " في حين سارع السيناتور ماكين بالقول بان قطع المساعدات سيكون الشيء الخطأ في الوقت الخطأ " اضافة لاختلاف متعمد في تعريف الاطاحة بمرسي كانقلاب ام اردت شعبية فيالوقت الذي اعترفت فيه ادارة اوباما بأن زيارة اعضاء الكونجرس جاءت بالتنسيق بينهما.
ووإذا اردنا ترجمة هذا الكلام بالنسبة لاحداث الايام الاخيرة فإنه من المهم هنا رصد التحركات الأمريكية المباشرة والغير مباشرة - عبر الاصدقاء حسب وصفهم - علي مدي الاسبوع الخير تحديدا وسنجد التي :
ان المشهد الاول بدء بتصريحات محددة قالها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالتزامن مع لقائه ووزير خارجية دولة الامارات الشيخ عبدالله بن زايد، قال كيري "إن الجيش المصري كان "يستعيد الديمقراطية" عندما أطاح بالرئيس محمد مرسي الشهر الماضي وإن عزل الرئيس جاء استجابة لمطلب "الملايين والملايين من الناس".- 
هذه الرسالة جاءت قبل ساعات من اعلان اعتزام جون ماكين وجرهام التوجهه الِي مصر، ونلاحظ ان الخارجية الأمريكية حرصت يوم الاثنين علي بث خبر قيام وزير الخارجية الأمريكية بعقد اجتماعا مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي بمقر وزارة الخارجية الأمركية، لبحث التطورات في مصر وقضايا تتعلق بالأمن الإقليمي.
ومع وصول عضوي الكونجرس كانت مهزلة الوساطة الأوروبية والدولية تتواصل بزيارات سمح بها لقيادات الاخوان بالسجن والموقوفين كما هو مفترض علي ذمة قضايا جنائية من صنف قضايا "حرامية الغسيل" رغم وجود ملفات جنائية ودموية اخري اخطر يطلب فيها الشارع المصري القصاص، وكذلك استدعاء الخارج للفصل دبلوماسيا بين الاطراف المتصارعة في مصر، وهذا هو الوصف الذي استخدم خارجيا واعتمدته القاهرة للاسف دون ادني تفكير في خطورة هذا التغاضي، والذي يعني الاقرار بشكل غير مباشر بأن خروج عشرات الملايين يوم 30 يونيو اعتراضا علي حكم الاخوان كان انقلابا وليس ارادة شعبية.
رسالة جون ماكين كانت واضحة وهي التأكد من ادماج الاخوان وطبعا السلفيين في العملية السياسية بمصر، وقد قلت له عقب المؤتمر الصحفي " لا ينبغي لامريكا ان تخسر المصريين " فأجابني وقد فوجيء بوجودي بالقاهرة "Got It"، بعدها كانت هناك عدة لقاءات قبل مغادرته والسيناتور ليندسي جراهام مساء اليوم منها وزير خارجية عربي، وفي طريق الخروج كان هناك نادر بكار ومجموعة كبيرة من حزب النور والسلفيين وغيرهم مدعوين لإفطار رمضاني مع ماكين وغيره، منهم رامي لكح وكثيرين،
السفيرة باترسون كانت هناك وقلت لها نراك بـمقر الخارجية الأمريكية قريبا - وفهمت منها ان ذلك سيكون بعد اقل من شهرين.. مايحدث الان بالقاهرة يحمل مابين سطوره تفاصيل مركبة وبعضها قاس، ترقبوها. 
فقد جاءت لقاءات ماكين – جرهام مع اطراف سياسية مصرية بما في ذلك مسؤولي الحكومة بالتوازي مع قيام وليام بيرنز بمد مباحثاته بالقاهرة - غادرالاربعاء- لتوضح الصورة وبشكل لا يقبل الفصال بان الاثنان كانا في مهمة رسمية ويحملان مبادرة بل اوامر محددة ورسالة للقاهرة مفادها ان صبر واشنطن قد نفذ وان علي القاهرة الامتثال، والمطلوب كان - كما ذكرنا هنا منذ اسابيع لم يتغير وهو:-
الافراج عن القيادات الاخوانية بالتدريج وحسب مطلب حلفائهم من الاخوان فلافراج عن مرسي اولا ليس اولوية.
التأكد من قيام القاهرة "قولا وفعلا " بـادماج تيار الإسلام السياسي بما فيهم الاخوان في أي انتخابات أو عملية سياسية قادمة.
الإسراع بإعلان موعدا للانتخابات الرئاسية والتشريعية ليتم اتمامها في موعد لا يتجاوز العام.
تعهد القوات المصلحة بعدم التدخل أو ترشيح أي من أفرادها ورفع يديها تماما عن عملية دمقرطة مصر في المستقبل القريب.
الامر واضح اذا فواشنطن تريد استقرار سريع لمصر وتريد شراء وقت لحماية مشروعها بعيد الامد لعالم عربي مابعد الأسد وحزب الله، ومن ثم النظام الإيراني الحالي لتتفرغ لكبح الخطر الاصفر الصاعد أي الصين.
وبالنسبة لهم فلا يهم ان تستمر مصر مترنحه لكن المهم هو الحفاظ عليها من السقوط أو ان تصبح دولة فاشلة.
الامر الأهم وهو ما ذكره السيناتور ماكين ضمنا خلال المؤتمر الصحفي كان اعلانه بأن الشأن المصري مسألة أمن قومي امريكي، وذلك حين اشار الِي ان هدف الزيارة كان حث الاصدقاء نحو عملية تحوول دون موقف في منتهي الخطورة يمكن ان يؤثر "ليس فقط علي العالم بل علي الولايات المتحدة " وهذه الكلمات تعني بوضوح قيام واشنطن بـادراج الحادث في مصر علي قائمة أمنها القومي، وبالتالي اباحت بذلك تلقائيا لنفسها كافة أنواع التدخلات في الشأن المصري وهنا نضع تحت هذا المعني ألف خط.، ونتوقف هنا ايضا عند كلام ماكين حول "البطة التي تملأ الدنيا زبطا وجسمها جسم بطة اذن فتعريفها هو بطة"، وهو مفهوم امريكي للاشارة الِي ان هؤلاء الذين ينكرون حقيقةالازمة وحجم تواجد الاخوان علي الساحة السياسية في مصر.
أيضا نلاحظ التكريس الأمريكي والغربي عموما لمصطلحات لتكون درجة من الان وصاعدا مثل التحذير من وقوف مصر علي هاوية الدولة الفاشلة، والتخويف من حرب اهلية قادمة وحمام دم يتهدد مصر، 
 بإختصار فإن النشاط الأمريكي المحموم بإتجاه مصر لن يتوقف عند هذه الزيارات المكوكية بل قد يتعداها لخلق الية مايسمي بحوار وطني قد يستدرج الِي واشنطن أو لمكان آخر خارج مصر، وهو ان حدث ووافقت عليه القاهرة فقد يرسم بذلك مستقبل حالك، لذا كان حرص من رتبوا للقاء ماكين وجرهام علي دعوة اطياف سياسية مصرية ولو علي مادة افطار رمضانية جزء من عملية الاستدراج هذه كاشارة للعالم بدور امريكا الاساسي في مستقبل مصر.
وهنا لا افهم كيف يقبل اشخاص الدعوة وهم مبيتين العزم علي الانسحاب منها لاستخدام الامر فيما بعد في عمل فرقعة سياسية واعلامية كحالة الناشطة التي انسحبت من الاجتماع لتدلي بـأراء تصور فيها نفسها كبطله قومية ترفض التدخل الاجنبي وكان اولي بها ان اردت ذلك من البداية ان تعتذر عن الحضور، تماما كحال المتحدث بإسم الرياسة الذي اختلط عليه فهمه لعمله كمتحدث رسمي يفترض فيه الكياسة والحساب الصحيح للكلمات ومعناها وعمله السابق كمقدم لبرنامج يطرح فيه وجهه نظره، وان لغة الدبلوماسية تختلف عن تشدق البرامج، لاسيما وان كبار مسؤولي حكومته وافقوا علي لقاء ماكين وجرهام ناهيك عن السماح بمقابلة بيرنز لخيرت الشاطر في في محبسه!! 
علي اية حال فالذي ينتظر مصر ليس هينا فمصر في حاجة ماسة الان لفريق لديه الوعي والكفاءة للتعامل مع واقع يفرض علينا وليس فريقا يرتجل سياسات دفاعية.
وهناك الكثير من الملاحظات التي قد لا تتسع لها المساحة هنا لسردها ومنها اشارة السيناتور ماكين لمراسلة التلفزيون الرسمي المصري حين سألته عن استخدام الكونجرس لجزره قطع المساعدات فأجابها بان الرسالة قد وصلت قبل ان يضيف كلمة الرسالة "الدعائية" كأنما سؤال المراسلة كان بالنسبة له رسالة دعائية للقوات المسلحة المصرية، ناهيك عن الجو العام من الجدل والتخبط الذي غطي الساحة السياسية المصرية مؤخرا معبرا عن المأزق الذي وضعنا انفسنا فيه وهو مايعيدنا الِي المربع واحد بعيدا عن استقلالية كانت مطلوبة لانقاذ مصر من فك التحكم الأمريكي والذي سيكلله وصول سفير جديد معروف تاريخ تكليفه بالمناطق التي تشهد صراعات سياسه واحتمالات حروب اهلية وهو روبرت فورد بينما ستصبح السفيرة الحالية لدي مصر ان باترسون رئيسته المباشره كمرشحة لتولي منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الادني غضون اسابيع قليلة من الان.
 
 

Saturday, August 10, 2013

«روزاليوسف» تعنف السيناتور الجمهورى فى حوار خاص : لاتخسروا الشعب المصرى .. وإلا .. وهو يرد : ندرك ذلك


«روزاليوسف» تعنف السيناتور الجمهورى فى حوار خاص : لاتخسروا الشعب المصرى .. وإلا .. وهو يرد : ندرك ذلك


10 اغسطس 2013
كتبت : حنان البدرى



اكتظ المشهد  السياسى  المصرى على  مدى  الأيام الماضية  بآراء تحلل  وتنتقد  تصريحات  السيناتور   الأمريكى «جون ماكين»  وزميله  السيناتور  الجمهورى  أيضا  «ليندسى  جراهام»  خلال  زيارتهما  لمصر ، وانهال أصحاب هذه  الآراء بمن فيهم  المتحدث باسم الرئاسة  المصرية بالهجوم المباشر رفضا للتدخل الأمريكى فى الشأن الداخلى المصرى،  ناهيك عن خلط يفصل  ما بين  آراء الإدارة الأمريكية  و عضوى «الكونجرس» بتصور ربما  يكون ساذجا -سياسيا- يرجع ذلك لاختلاف هوية ماكين  وجراهام  الحزبية - جمهوريا -عن إدارة أوباما الديموقراطية ، وذلك دون  أن يتوقف هؤلاء  برهة  أمام  حقيقة  يدركها  المخضرمون  بـالسياسة والعلاقات  الدولية ، وهى أنه على قدر قوة  واستقلالية  الدول  تصاغ  العلاقات.
وانفردت «روزاليوسف» بحوار قصير خاص مع السيناتور الجمهورى «ماكين» عقب انتهاء المؤتمر فى حضور السفيرة الأمريكية، وحذرناه من خسارة الشعب المصرى بهذا التطاول والتطرف، ورد علينا أنه يدرك ذلك والرسالة وصلته بالفعل.
لم يتوقف كثيرون لمراجعة قاعدة سياسية أمريكية تقدس مصلحة الأمن القومى الأمريكى التى تتوحد تحتها جميع القوى السياسية. وأن ما يشاع حول اختلاف رأى ودور السلطة التشريعية والتنفيذيه الأمريكية حتى مع إعلان الخارجية الأمريكية «بأن تصريحات ماكين وجراهام جاءت فى إطار التعبير عن رأيهما الخاص، مثلهما مثل أى أعضاء آخرين بمجلس الشيوخ، وأن الإدارة الأمريكية لا تقف مع طرف واحد على حساب الآخر» هو مجرد سذاجة، وأن ما يجرى وما يقال جاء بتنسيق بين جميع الأطراف الأمريكية وفى إطار لعبة توزيع الأدوار المعروفة بـاسم «الطيب والشرير»، فالخارجية الأمريكية نفسها أعلنت - وأنا شخصيا لاحظت اللعبة ذاتها - تمارس خلال حضورى لمؤتمريهما الصحفى حتى بين الرجلين حين لوح ليندسى جرهام صراحة بعقوبة قطع المساعدات قائلا: « لا يمكن أن نؤيد مصر التى لا تتحرك نحو الديموقراطية ومساعداتنا ستكون مربوطة بالأفضل من وجهة نظرنا « فى حين سارع السيناتور ماكين بالقول بأن قطع المساعدات سيكون الشىء الخطأ فى الوقت الخطأ» إضافة لاختلاف متعمد فى تعريف الإطاحة بمرسى كانقلاب أم أرادة شعبية فى الوقت الذى اعترفت فيه إدارة أوباما بأن زيارة أعضاء الكونجرس جاءت بالتنسيق بينهما .
وإذا أردنا ترجمة هذا الكلام بالنسبة لأحداث الأيام الأخيرة فإنه من المهم هنا رصد التحركات الأمريكية المباشرة وغير المباشرة - عبر الأصدقاء حسب وصفهم - على مدى الأسبوع الأخير تحديدا وسنجد التالى :
إن المشهد الأول بدأ بتصريحات محددة قالها وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بالتزامن مع لقائه ووزير خارجية دولة الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد ،  قال كيرى: «إن الجيش المصرى كان يستعيد الديمقراطية» عندما أطاح بالرئيس محمد مرسى الشهر الماضى وإن عزل الرئيس جاء استجابة لمطلب «الملايين والملايين من الناس».-
هذه الرسالة جاءت قبل ساعات من إعلان اعتزام جون ماكين وجرهام التوجه إلى مصر ، ونلاحظ أن الخارجية الأمريكية حرصت يوم الاثنين على بث خبر قيام وزير الخارجية الأمريكية بعقد اجتماع مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسى بمقر وزارة الخارجية الأمركية، لبحث التطورات فى مصر وقضايا تتعلق بالأمن الإقليمى.
ومع وصول عضوى الكونجرس كانت مهزلة الوساطة الأوروبية والدولية تتواصل بزيارات سمح  بها لقيادات الإخوان بالسجن والموقوفين كما هو مفترض على ذمة قضايا جنائية من صنف قضايا «حرامية الغسيل» رغم  وجود ملفات جنائية ودموية أخرى أخطر يطلب فيها الشارع المصرى القصاص ، وكذلك استدعاء الخارج للفصل دبلوماسيا بين الأطراف المتصارعة فى مصر، وهذا هو الوصف الذى استخدم خارجيا واعتمدته القاهرة للأسف دون أدنى تفكير فى خطورة هذا التغاضى والذى يعنى الإقرار بشكل غير مباشر بأن خروج عشرات الملايين يوم 30 يونيو اعتراضا على حكم الإخوان كان انقلابا وليس إرادة شعبية.
وجاء ت لقاءات ماكين جراهام مع أطراف سياسية مصرية، بمن فى ذلك مسئولو الحكومة بالتوازى مع قيام وليام بيرنز بمد مباحثاته بالقاهرة - غادر الأربعاء - لتوضح الصورة وبشكل لا يقبل الفصال بأن الاثنين كانا فى مهمة رسمية ويحملان مبادرة بل أوامر محددة ورسالة للقاهرة مفادها أن صبر واشنطن قد نفد وأن على القاهرة الامتثال، والمطلوب كان - كما ذكرنا هنا منذ أسابيع لم يتغير وهو الإفراج عن القيادات الإخوانية بالتدريج وحسب مطلب حلفائهم من الإخوان، فالإفراج عن مرسى أولا ليس أولوية، ثم التأكد من قيام القاهرة ''قولا وفعلا بـإدماج تيار الإسلام السياسى بما فيهم الإخوان فى أى انتخابات أو عملية سياسية قادمة، والإسراع بإعلان موعد للانتخابات الرئاسية والتشريعية ليتم إتمامها فى موعد لا يتجاوز العام، وتعهد القوات المصلحة بعدم التدخل أو ترشيح أى من أفرادها ورفع يديها تماما عن عملية دمقرطة مصر فى المستقبل القريب .
الأمر الأهم وهو ما ذكره السيناتور ماكين ضمنا خلال المؤتمر الصحفى كان إعلانه بأن الشأن المصرى مسألة أمن قومى أمريكى، وذلك حين أشار إلى أن  هدف الزيارة كان حث الأصدقاء نحو عملية تحول دون موقف فى منتهى الخطورة يمكن أن يؤثر «ليس فقط على العالم بل على الولايات المتحدة» وهذه الكلمات تعنى بوضوح قيام واشنطن بـإدراج الحادث فى مصر على قائمة أمنها القومى، وبالتالى أباحت بذلك تلقائيا لنفسها جميع أنواع التدخلات فى الشأن المصرى وهنا نضع تحت هذا المعنى ألف خط. ونتوقف هنا أيضا عند كلام ماكين حول «البطة التى تملأ الدنيا زيطا وجسمها جسم بطة إذن فتعريفها هو بطة»، و هو مفهوم أمريكى للإشارة إلى أن هؤلاء الذين ينكرون حقيقة الأزمة وحجم تواجد الإخوان على الساحة السياسية فى مصر.
أيضا نلاحظ التكريس الأمريكى والغربى عموما لمصطلحات لتكون درجة من الآن وصاعدا مثل التحذير من وقوف مصر على هاوية الدولة الفاشلة، والتخويف من حرب أهلية قادمة وحمام دم يتهدد مصر، باختصار فإن النشاط الأمريكى المحموم باتجاه مصر لن يتوقف عند هذه الزيارات المكوكية بل قد يتعداها لخلق آلية مايسمى بحوار وطنى قد يستدرج إلى واشنطن أو لمكان آخر خارج مصر، وهو إن حدث ووافقت عليه القاهرة فقد يرسم بذلك مستقبلاً حالكاً، لذا كان حرص من رتبوا للقاء ماكين وجراهام على دعوة أطياف سياسية مصرية ولو على مائدة إفطار رمضانية جزءاً من عملية الاستدراج هذه كإشارة للعالم بدور أمريكا الأساسى فى مستقبل مصر، وهنا لا أفهم كيف يقبل أشخاص الدعوة وهم مبيتون العزم على الانسحاب منها لاستخدام الأمر فيما بعد فى عمل فرقعة سياسية وإعلامية كحالة الناشطة التى انسحبت من الاجتماع لتدلى بـآراء تصور فيها نفسها كبطلة قومية ترفض التدخل الأجنبى وكان أولى بها إن أرادت ذلك من البداية - أن تعتذر عن الحضور، تماما كحال المتحدث باسم الرياسة الذى اختلط عليه  فهمه لعمله كمتحدث رسمى يفترض فيه الكياسة والحساب الصحيح للكلمات ومعناها وعمله السابق كمقدم لبرنامج يطرح فيه وجهة نظره، وإن لغة الدبلوماسية تختلف عن تشدق البرامج، لاسيما أن كبار مسئولى حكومته وافقوا على لقاء ماكين وجراهام ناهيك عن السماح بمقابلة بيرنز لخيرت الشاطر فى محبسه!
على أية حال فإن هناك الكثير من الملاحظات التى قد لا تتسع لها المساحة هنا لسردها ولكنها تعبر عن المأزق الذى وضعنا أنفسنا فيه وهو ما يعيدنا إلى المربع واحد بعيدا عن استقلالية كانت مطلوبة لإنقاذ مصر من فك التحكم الأمريكى والذى سيكلله وصول سفير جديد معروف تاريخ تكليفه بالمناطق التى تشهد صراعات سياسية  واحتمالات حروب أهلية وهو روبرت فورد بينما ستصبح السفيرة الحالية لدى مصر «آن باترسون» رئيسته المباشرة كمرشحة لتولى منصب مساعدة وزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى فى غضون أسابيع قليلة من الآن.
على أى حال فالذى ينتظر مصر ليس هينا فمصر فى حاجة ماسة الآن لفريق لديه الوعى والكفاءة للتعامل مع واقع يفرض علينا وليس فريقا يرتجل سياسات دفاعية.